مسارات الانجذاب نحو الصين في ظل الدبلوماسية الأمريكية التصادمية

مركز سياسات للبحوث والدراسات الاستراتيجية

المستخلص

اتسمت الدبلوماسية الأميركية في عهد ترامب الثاني بالتصادمية والضغط الاقتصادي الأمني، ما دفع قوى كبرى مثل الهند وروسيا إلى إعادة تموضعها الاستراتيجي، بينما استثمرت الصين هذه الفراغات لتوسيع نفوذها. بالنسبة للهند، مثلت التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والبنية التحتية والفضاء البحري ساحات معقدة لموازنة الضغوط الأميركية مع الانفتاح الانتقائي على العروض الصينية، في إطار سياسة "الموازنة المرنة". أما روسيا، فقد دفعتها العقوبات الغربية إلى تعميق شراكتها مع بكين عبر التجارة بالطاقة، والتحالفات النقدية، والتنسيق العسكري، ما عزّز تداخل المسارات بين موسكو وبكين. في المقابل، أتاح التقاء المحاور الثلاثة (الهندي–الروسي–الصيني) بنية جديدة لتفاعلات أوراسية، لكنها تبقى مليئة بالفراغات التكاملية والتنافس المكتوم. على المستوى النظامي، تشير الدراسة إلى أن هذه التفاعلات تعيد صياغة التوازن الدولي، عبر تراجع أحادية القطبية، وصعود "مناطق مرنة" لإدارة التنافس، ما يفتح الباب أمام نظام دولي أكثر تشابكًا وأقل استقرارًا.

مقدمة

منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، دخلت السياسة الخارجية الأميركية مرحلة جديدة من التوترات البنيوية التي يمكن وصفها بأنها استمرار مكثّف لنهج “الدبلوماسية التصادمية” الذي ميّز ولايته الأولى، مع إضافة جرعات أكبر من الصراحة العلنية والاندفاع في استخدام أدوات الضغط الاقتصادي والسياسي. ويبدو أن واشنطن في ظل ترامب لم تعد تهتم بالغطاء الدبلوماسي التقليدي الذي كانت الإدارات السابقة – جمهورية وديمقراطية – تحرص على إظهاره، وإنما انتقلت إلى مرحلة إعلان المواقف دون مواربة، واستخدام لغة "الصفقات" بدلاً من الخطاب المؤسسي الذي يرتبط عادةً بالمؤسسات المتعددة الأطراف. هذه المقاربة الجديدة – أو بالأحرى المعمّقة – فرضت نفسها على الملفات العالمية الكبرى: من العلاقة مع الحلفاء الأوروبيين، إلى التنافس مع الصين وروسيا، وصولًا إلى ملفات الطاقة، الأمن، والمناخ.

وإذا كان من الممكن اعتبار “قمة تيانجين” التي جمعت بين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينغ في فبراير/شباط 2025 مؤشراً رمزياً على التحولات الجارية، فإنها في الحقيقة جاءت بمثابة انعكاس مباشر لارتدادات الدبلوماسية الأميركية في عهد ترامب الثاني. فالهند التي لطالما وُصفت بأنها “شريك استراتيجي” للولايات المتحدة في مواجهة الصين، لم تجد حرجًا في عقد قمة ثنائية رفيعة المستوى مع بكين رغم الخلافات الحدودية المريرة، وهو ما يعكس كيف أن الصدامية الأميركية قد تدفع شركاء تقليديين إلى البحث عن بدائل، أو على الأقل، إلى تنويع خياراتهم الاستراتيجية بعيدًا عن الاعتماد الكامل على واشنطن.

 

لتحميل الدراسة، اضغط هنا

مسارات الانجذاب نحو الصين
مسارات الانجذاب نحو الصين
back cover
back cover
تم نسخ الرابط