هواجس الاقليم: إلى أي مدى يشكل برنامج الصواريخ الإيرانية خطراً حقيقياً ممتداً؟
المستخلص
يعد البرنامج الصاروخي الإيراني أحد أبرز مرتكزات القوة والردع في الاستراتيجية الإيرانية، حيث يجمع بين أبعاد دفاعية لتعويض محدودية القدرات الجوية وأبعاد هجومية تهدف إلى تعزيز النفوذ الاقليمي وإعادة صياغة التوازنات في الشرق الأوسط. حيث أن الصواريخ الإيرانية لم تعد مجرد أداة ردع بل أصبحت وسيلة لتثبيت حضور إيران عبر ساحات الصراع في اليمن وسوريا والعراق ولبنان. كما أبرزت أن المخاوف الإسرائيلية والخليجية والدولية من هذا البرنامج ترتبط بتهديده المباشر للأمن القومي ولأمن الممرات الحيوية للطاقة. ورغم محاولات احتواءه بالعقوبات أو الدفاعات الصاروخية، تبقى هذه الجهود محدودة الفعالية، ما يفتح المجال لسيناريوهات متباينة: إما التوصل إلى تفاهمات تقلص من وتيرة التصعيد، أو انزلاق المنطقة إلى سباق تسلح متسارع، أو نشوء معادلات ردع أكثر تعقيداً ستشكل مستقبل الأمن الاقليمي.
مقدمة
يعتبر البرنامج الصاروخي الإيراني أحد أكثر الملفات إثارة للجدل في المشهدين الاقليمي والدولي، إذ يمثل أداةً استراتيجية مزدوجة الاستخدام بالنسبة لطهران؛ فمن جهة يستخدم كوسيلة ردع عسكري في ظل إدراك إيران لفجوة التفوق التقليدي بينها وبين القوى الكبرى، ومن جهة أخرى يشكل ورقة ضغط سياسية في مفاوضاتها مع الغرب وفي إعادة صياغة التوازنات الاقليمية. وقد اكتسب هذا الملف أهمية مضاعفة منذ إعلان إيران توسيع نطاق تجاربها وتطويرها لأنظمة صاروخية متقدمة متوسطة وبعيدة المدى، قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل وأجزاء من أوروبا الشرقية، فضلًا عن امتلاك قدرات متزايدة على حمل رؤوس تقليدية وربما نووية مستقبلًا.
تتجسد خطورة هذا الملف بشكل أكبر في ضوء المستجدات الاقليمية الأخيرة، حيث شهد الاقليم تصاعداً في توظيف الصواريخ كأداة ضمن حروب الوكالة، سواء عبر الحوثيين الذين أطلقوا صواريخ بالستية استهدفت إسرائيل في أغسطس 2025، أو عبر "حزب الله" الذي واصل استخدام الصواريخ الدقيقة في اشتباكاته مع الجيش الإسرائيلي على الحدود اللبنانية. هذه الوقائع تعزز القناعة بأن البرنامج الصاروخي الإيراني لم يعد حكراً على المؤسسة العسكرية الإيرانية، بل أصبح بنية موزعة عابرة للحدود، تغذيها إيران بالتكنولوجيا والخبرات ضمن استراتيجية "تصدير الردع".
وعلى المستوى الدولي، جاءت تصريحات كايا كالاس، الممثلة العليا للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، لتؤشر إلى انتقال النقاش من دائرة العقوبات الاقتصادية التقليدية إلى تفعيل آلية "السناب باك" لإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، ليس فقط على خلفية الملف النووي، وإنما بشكل واضح نتيجة "التهديد المتنامي للبرنامج الصاروخي". هذه النقلة النوعية في الخطاب الأوروبي تعكس تزايد الاعتراف بأن الخطر الصاروخي الإيراني لا يقتصر على التوازنات الشرق أوسطية، بل يتعداها إلى الأمن الأوروبي ذاته، خاصة في ظل حرب أوكرانيا وما كشفت عنه من تعاون عسكري بين موسكو وطهران في مجال المسيرات والصواريخ. في هذا السياق، يصبح النقاش حول "مدى" الخطر الصاروخي الإيراني نقاشاً مركباً يتجاوز اعتبارات التقنية العسكرية البحتة، ليمتد إلى أبعاد جيوسياسية وأمنية واستراتيجية.
لتحميل الدراسة كاملة - اضغط هنا
