دور صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية على فيس بوك في تشكيل وعي الجماهير تجاه قضايا المجتمع

مركز سياسات للبحوث والدراسات الاستراتيجية

مقدمة

بلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك – تويتر – إنستجرام – يوتيوب – سناب شات - وغيرها) أو كما يطلق عليها "السوشيال ميديا" في مصر حوالي 50 مليون مستخدم، بحسب التقرير الصادر في يناير 2019 عن موقع "we are social " العالمي المتخصص في رصد عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم.

وعقب أحداث ثورة 25 يناير، أقبلت جميع مؤسسات الدولة المصرية (وزارات – هيئات –  مؤسسات – محافظات - مجالس محلية – وغيرها) على إنشاء حسابات لها في هذه المواقع، وبشكل خاص موقع (فيس بوك)، حيث يستخدمه ما يقرب من 40 مليون مواطن مصري، بحسب تقرير شركة «كراود أنالايزر» في رصد عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لعام 2019.

ولجأت مؤخرًا دول عربية كثيرة إلى إلى هذه الوسائل الحديثة - مواقع التواصل الاجتماعي - لمعرفة رد فعل مواطنيها حول سياساتها وأدائها سواء كانت آرائها إيجابية فتعمل على زيادة إرضاء مواطنيها أكثر، أو سلبية فتعمل على تعديد مسارها وتصويب أخطائها لإرضاء مواطنيها، كما اعتمدت الحكومات العربية على هذه الوسائل الحديثة كأداة لقياس نبض الشارع حول جميع قضايا المجتمع (سياسية – اقتصادية – اجتماعية – رياضية، أو غيرها). 

ومن بين هذه الدول جمهورية مصر العربية، التي اعتمدت مؤخرًا على هذه الوسائل الحديثة لقياس نبض الشارع المصري تجاه القضايا المختلفة داخل المجتمع، ورصد جميع مشكلات المواطنين والعمل على حلها بشتى الطرق، والتواصل مع المواطنين بشكل أسرع، وبطريقة تواكب التطور التكنولوجي حاليًا، لنشر أخبارها، والإعلان عن أنشطتها، ما يساعد على تحقيق الشفافية في التواصل مع المواطنين حول القضايا التي تُثار داخل المجتمع المصري، ودحض أي محاولات للترويج للشائعات التي من الممكن أن تثير البلبلة داخل المجتمع المصري.

مشكلة الدراسة:

تعتبر صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية(*) على (فيس بوك) من أهم صفحات المؤسسات الحكومية المصرية، خاصة بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي سدة حكم البلاد في عام 2014، حيث شهدت طفرة كبيرة من حيث نشر جميع أنشطة الرئيس السيسي من زيارات داخلية وخارجية، وقرارات سياسية واقتصادية واجتماعية ورياضية وفنية وكل ما يمس قضايا الدولة المصرية، وكذلك المبادرات الرئاسية القومية مثل (حياة كريمة – 100 مليون صحة – الحملة القومية للقضاء على فيروس سي – وغيرها).

وتركزت مشكلة البحث في الكشف عن دور صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية على (فيس بوك)  في تشكيل وعي الجماهير تجاه قضايا المجتمع، من حيث طبيعة محتوى هذه الصفحة، وشكل المنشورات في الصفحة، وأساليب الإقناع المستخدمة في الصفحة – وسرعة وتحديث النشر على الصفحة، ومدى استخدامها لتكنولوجيا الإعلام الرقمي في منشوراتها مثل استخدام الفيديوهات والإنفوجراف وغيرها.

أهمية الدراسة: 

تكمن أهمية الدراسة في النقاط التالية: 

  • ندرة الدراسات العربية التي تطرقت إلى دراسة صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية على (فيس بوك)، التي شهدت تطورًا ملحوظًا منذ تولي الرئيس السيسي حكم البلاد في 2014، في محاولة لكسب ثقة المواطنين، واستخدام أحد وسائل الإعلام الجديد، التي تحظى بالسرعة والانتشار بين جميع فئات المجتمع المصري، والكشف عن مدى رضا المواطنين على أداء مؤسسة الرئاسة تجاه جميع قضايا المجتمع.
  • الاستفادة من التطور التكنولوجي الكبير الذي تشهده مصر خاصة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تتميز بانتشار كبير بين جميع فئات المجتمع المصري.
  • استغلال خصائص موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك من حيث دعمه لتحميل الصور والفيديوهات والتعليقات في التواصل مع المواطنين بشكل فعال وسريع، ومعرفة رد فعل المواطنين تجاه أداء الحكومة بشكل عام أو حول قضية معينة بشكل خاص.
  • مساعدة مؤسسة الرئاسة في التعرف على ردود فعل المواطنين حول القضايا التي تُثير الرأي العام المصري، وكذلك التعرف على القضايا التي يهتم بمتابعتها الجمهور المصري سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
  • الاستفادة من نتائج الدراسة التحليلية في التعرف على العلاقة بين صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية على فيس بوك ومدى وعي الجمهور المصري تجاه القضايا المجتمع.

أهداف الدراسة: 

تمثل الهدف الرئيس للدراسة في التعرف على دور صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية على (فيس بوك) في تشكيل وعي الجماهير تجاه قضايا المجتمع.

وينبثق عن هذا الهدف الرئيس عدة أهداف فرعية تتمثل في:

  • الكشف عن أنواع القضايا في محتوى الصفحة عينة الدراسة.
  • التعرف على حالة القضايا المنشورة في محتوى الصفحة عينة الدراسة والهدف منها وأسلوب عرضها.
  • تحديد اللغة المستخدمة في كتابة محتوى الصفحة عينة الدراسة والجمهور المستهدف منها.
  • تحديد الهدف من نشر المحتوى بالصفحة عينة الدراسة.
  • الكشف عن القيم في المحتوى المنشور على الصفحة عينة الدراسة.
  • الكشف عن المصادر المستخدمة في كتابة المحتوى بالصفحة عينة الدراسة.
  • رصد الاستمالات المستخدمة في كتابة محتوى الصفحة عينة الدراسة.
  • التعرف على شكل المحتوى المنشور في الصفحة عينة الدراسة.
  • التعرف على دورية كتابة المحتوى في الصفحة عينة الدراسة وحجمها وطرق التفاعل معها.

الإطار النظري:

اعتمدت الدراسة على نظرية "الاعتماد على وسائل الإعلام"، التي تحاول فهم العلاقة بين الإعلام والجمهور، لمعالجة المشكلة البحثية بالدراسات السابقة التي ناقشت الاعتماد على فيس بوك، والدراسات التي تناولت جمهور فيس بوك، وكذلك الدراسات التي تناولت الإعلام البديل.

الإطار الإجرائي:

نوع الدراسة ومنهجهاتعتبر الدراسة من البحوث الوصفية حيث استهدفت دراسة علاقة صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية على (فيس بوك) بوعي الجمهور تجاه قضايا المجتمع، وتستند الدراسة إلى منهج المسح بإجراء دراسة تحليلية لمحتوى الصفحة.

أدوات جمع البيانات: تحليل المضمون: تم استخدام أداة تحليل مضمون لتحليل محتوى صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية (فيس بوك).

عينة الدراسة التحليليةصفحة المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية على فيس بوك خلال العام 2021. 

نتائج الدراسة:

قامت الدراسة بتحليل جميع المحتوى المنشور في صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية على فيس بوك في الفترة من 1 يناير 2021 حتى 31 ديسمبر 2021 باستخدام استمارة تحليل المضمون، لتحقيق أهداف الدراسة التحليلية.

1- نوع القضية في المنشور:

جاءت القضايا السياسية في المرتبة الأولى بنسبة58.3 % من عينة الدراسة التي تبلغ عددها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، فيما جاءت القضايا التنموية في المرتبة الثانية بنسبة 27.7%، ثم القضايا الاجتماعية في المرتبة الثالثة بنسبة 7.3 %، ثم القضايا الرياضية في المرتبة الثالثة بنسبة 3.3%، ثم القضايا التاريخية في المرتبة الرابعة بنسبة 1.8%، ثم القضايا الدينية بنسبة 1.3 %، ثم القضايا الحقوقية بنسبة 0.95%، ثم القضايا الاقتصادية بنسبة 0.7%.

2- حالة القضية في المنشور

جاء في المرتبة الأولى القضايا الطارئة بنسبة 96% من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، فيما جاءت القضايا المستمرة في المرتبة الثانية بنسبة3.8 %، ثم القرار بنسبة 0.11%.

3- الهدف من نشر القضية:

وجاء في المرتبة الأولى هدف تقديم معلومات بنسبة 51.2% من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، فيما جاء هدف تشكيل اتجاهات في المرتبة الثانية بنسبة 47.8%، ثم جاء هدف إبداء رأي في المرتبة الثالثة بنسبة 1.6 %. 

4- أسلوب عرض القضية: 

جاء في المرتبة الأولى الأسلوب الإيجابي في عرض القضايا بنسبة 63.13% من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، بينما جاء الأسلوب المتوازن في المرتبة الثانية بنسبة 36.86%.

5- نوع اللغة المستخدمة في المنشور: 

جاءت اللغة العربية في المرتبة الأولى بنسبة 99.88% من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، وجاءت اللغة الألمانية في المرتبة الثانية بنسبة 0.11%.

6- الجمهور المستهدف من المنشور:

جاء في المرتبة الأولى للجمهور المستهدف الجمهور العام بنسبة 90.2% من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، بينما جاء الجمهور الخاص في المرتبة الثانية بنسبة 9.7%.

7- الهدف من المنشور:

جاء في المرتبة الأولى هدف الإعلام والإخبار بنسبة 57.6% من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، بينما جاء هدف توجيه الرأي العام في المرتبة الثانية بنسبة 39.3%، وجاء هدف التقدير أو التكريم في المرتبة الثالثة بنسبة 2.02%، ثم هدف التثقيف والتوعية بنسبة 1.18%.

8- القيم في المنشور:

جاء في المرتبة الأولى قيم الوطنية بنسبة 61.3% من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، بينما جاءت القيم تنموية في المرتبة الثانية بنسبة 25.3%، ثم القيم الاجتماعية في المرتبة الثالثة بنسبة 8.7%، ثم القيم التاريخية في المرتبة الرابعة بنسبة 0.71%.

9- المصادر داخل المنشور: 

جاء في المرتبة الأولى مصدر بيان من المؤسسة بنسبة 94.2% من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، بينما جاء مصدر فيديو خاص بالمؤسسة في المرتبة الثانية بنسبة 5.5%، بينما جاء مصدر رسوم في المرتبة الثالثة بنسبة 0.11%.

10- الاستمالات المستخدمة في المنشور: 

جاءت في المرتبة الأولى استمالة عاطفية استثارة مشاعر الوطنية بنسبة 57.9% من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، بينما جاءت استمالة عقلية تقديم أدلة وشواهد في المرتبة الثانية بنسبة 32.6%، بينما جاءت استمالة عاطفية استثارة المسؤولية الاجتماعية في المرتبة الثالثة بنسبة 11.8%، ثم استثارة قيمة الصحة بنسبة 0.59%، ثم استمالة دينية بنسبة 0.11%.

11- شكل المنشور:

جاء في المرتبة الأولى شكل (نص + صورة) بنسبة53.6 % من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، بينما جاءشكل (نص + ألبوم صور) في المرتبة الثانية بنسبة 23.6%، بينما جاء شكل نص فقط في المرتبة الثالثة بنسبة 1.3%، ثم جاء شكل (نص + فيديو) بنسبة 0.02%.

12- معدل النشر: 

اتسمت صفحة المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بالنشر المنتظم طوال فترة الدراسة (عام كامل - 2021)، فهناك أيام تنشر أكثر من بوست بمختلف أشكاله وأحكامه.

13- حجم المنشور: 

جاء في المرتبة الأولى حجم المنشور الأكثر من 100 كلمة بنسبة 69.5 % من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، بينما جاءحجم المنشور من 50 إلى 100 كلمة في المرتبة الثانية بنسبة 16.6%، بينما جاء حجم المنشور الأقل من 50 كلمة في المرتبة الثالثة بنسبة 13.7%.

14- الإعجاب والمشاركة للمنشورات:

جاء في المرتبة الأولى الإعجاب والمشاركات الأقل من ألف (like & share) بنسبة45.4 % من عينة الدراسة التي يبلغ حجمها 841 منشورًا طوال فترة الدراسة، بينما جاءالإعجاب والمشاركات الأكثر من 10 آلاف (like & share) في المرتبة الثانية بنسبة 34%، بينما جاء الإعجاب والمشاركات من 5 إلى 10 آلاف (like & share) في المرتبة الثالثة بنسبة 21.8%.

ملاحظات على الدراسة التحليلية: 

تميزت الصفحة خلال فترة الدراسة بالتحديث المستمر ونشر المحتوى (منشورات نصية – صور – فيديو) بشكل يومي وأحيانًا أكثر من مرة في اليوم على حسب طبيعة المناسبة التي ينشر خلالها، فهناك زيارات الرئيس عبدالفتاح السيسي للطرق الجاري إنشائها في محيط القاهرة الكبرى، للقضاء على التكدس المروري وانتشار السيولة المرورية في نطاق المنطقة.

واتسمت الصفحة خلال فترة الدراسة بنشر العديد من الفيديوهات الميدانية لرئيس الجمهورية، وكذلك الصور الحصرية والخاصة للرئيس أثناء تلقيه اللقاء المضاد لفيروس كورونا المستجد، والعديد من المناسبات من لقاءات ملوك أو رؤساء دول أو سفراء دول أجنبية وغيرها.

,نشرت الصفحة حوارًا صحفيًا أجراه الرئيس عبدالفتاح السيسي باللغة الألمانية مع مجلة ألمانية كبيرة، وتم نشره بشكل صورة (مرفقة)، ما يدل على اهتمام الصفحة بنشر أنشطة الرئيس وفعالياته وحواراته الدولية وتناول القضايا المصرية والعربية والإقليمية والدولية أيضًا.

التوصيات:

من خلاصة ما تم استعراضه خلال الدراسة التحليلية لصفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، توصل الباحث إلى عدة توصيات أو اقتراحات قد تساعد على تطور الصفحة في المستقبل كما يلي: 

أولًا: توصيات للمضمون: 

  • تناول قضايا المجتمع بشكل تحليلي أكثر عمقًا وعرض جميع زوايا القضية لتحقيق الموضوعية.
  • نشر البيانات الرسمية بشكل عاجل منعًا لانتشار الشائعات خاصة في وقت الأزمات أو القضايا الجماهيرية المهمة.
  • السماح بالتعليقات على منشوراتها وترك مساحة من الحرية للمتابعين للتعبير عن وجهة نظرهم.
  • التحديث المستمر للصفحة لزيادة ثقة المتابعين.
  • الأخذ بعين الاعتبار تعليقات المتابعين للصفحات والرد على استفساراتهم أولًا بأول.
  • أن تحرص على إجراء استطلاعات رأي على الصفحة لقياس مدى رضى الجمهور أولًا بأول.

ثانيًا: توصيات للشكل والإدارة: 

  • الاستثمار الأمثل لأدوات وتقنيات مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفيديوجراف والإنفوجراف.
  • العمل على زيادة التفاعلية بين أدمن الصفحات والمتابعين للرد على تعليقاتهم واستفساراتهم.
  • استخدام الفيديو بشكل أكبر لزيادة مصداقية محتوى الصفحة.
  • استخدام خاصية (البث المباشر – live) في تغطية أي فعالية للصفحة لزيادة التفاعل والمصداقية.
  • توحيد استخدام شكل (البانر) ما يساعد على تكوين هوية بصرية للصفحة متضمنًا شعار المؤسسة.
  • استخدام صور وفيديوهات بجودة عالية لزيادة إقبال المتابعين عليها.
  • التعامل مع الصفحة كونها الوسيلة الإعلامية المستقبلية وليس مجرد وجود صفحة لمواكبة التطور الرقمي فقط.
  • تخصيص فريق كامل ذي كفاءة وخبرة للعمل على الصفحة، لإدارتها على مدار الساعة خاصة وقت الأزمات والطوارئ.

 

(*) صفحة المتحدث باسم رئاسة الجمهورية على فيس بوك خلال العام 2021.

تم نسخ الرابط